الجحيم هو الآخرون
المقولة الشهيرة، التي قالها أحد أبطال مسرحية جون بول سارتر "جلسة سرية" ، في محاولة لتصور نوع العذاب في الآخرة، وماذا لو كان العذاب معنويا و نفسيا؟!
أبطال المسرحية سيدتان ورجل، يتم احتجازهم في غرفة كأنها في فندق، لكنهم متأكدون من أنهم في الجحيم، حيث لم يجدو أي وسيلة أو أداة من أدوات التعذيب، فيستنتجون أنهم سيعذبون بعضهم البعض، بمبدأ أخدم نفسك بنفسك، اِنتابهم الخوف من الفكرة، فقرروا أن يعتزلوا بعضهم البعض، حتى لا يكونوا أدوات تعذيب لبعضهم البعض.
الألم لايموت
الشخصيات الثلات هم : جرسان خائن هرب من المواجهة خلال الحرب وتم إعدامه،
إستيل كانت تخون زوجها و قامت بقتل طفلتها، ثم أنيز جريمتها أنها شاذة جنسيا، وتكره الرجال، لكن بعد فترة وجيزة لم يصمدوا أمام الاِتفاق المبرم.
وبعدما لجؤوا إلى جميع الحلول، فقد غلبت عليهم الطبيعة البشرية الشريرة، لقد كان المصدر عذاب في الأرض، ومصدر خذلان لأحدهم.
من تم بدأت حفلة التعذيب الأبدية، بسبب معرفة كل واحد منهم بماضي الآخر، و عندما قرر كل من جرسان وإستيل ممارسة الحب، لم يتمكنا من ذلك تحت أنظار و تحديقات أنيز، ليصرخ جرسان في نهاية المسرحية :
" كنت سابقا لا اؤمن بالجحيم، و الآن عرفت ما هو الجحيم : إنه الآخرون."
الجحيم هو الآخر عندما تلبس وتتكلم وتفكر وتعتقد بطريقة معينة، حتى لا تتعرض لجحيم النبذ والإقصاء باسم نظرة المجتمع وكلام الناس.
قد يكون الجحيم هو الآخر، عندم يفقدك هذا الآخر شكلك ولونك وطبعك وطعمك، حتى تكون نسخة منه وإلا لن يتعامل معك.
أو يكون الجحيم هو الأخر، عندما يشوه سلامك النفسي بالتنمر على شكلك و أسلوب حياتك.
من المؤكد أن الجحيم هو الآخر عندما تعطي و لا تأخذ، وسيكون الجحيم هو الآخر عندما تحب ولا تُحَب.
ربما يكون الجحيم هو الآخر، عندما يعرفك الآخر بسبب منفعة أو مصلحة.
والأكيد أن الجحيم هو الآخر عندما يقوم الأخر بمحاصرتك ويحولك لشيء، تشييء متعمد.
الجحيم هو الآخر، عندما يستغل هذا الأخر ضعفك الإنساني و هزيمتك.
و رغم ذلك، فالاخر ليس جحيما إلا بالهامش، أو المساحة التي تسمح بها له بأن يقتحم ذاتك، وخصوصيتك، وأنت المسؤول عن تسويق صورتك.
لذا إذا كان الجحيم هو الآخرون، فلا تكن انت الجحيم للآخر.