recent
أخبار ساخنة

إشكالية التردد

الصفحة الرئيسية
 
عندما يباغثك أحدهم باقتراح لم يخطر ببالك من قبل، كأن يضع بين يديك إمكانية كتابة سيرة ذهنية تدور أحداثها حول شخصية تعرفها حق المعرفة، فيصر أنك على ذلك قادر، وأنك تمتلك الحق في سرد قصته، كل هذا فقط لأنه صادف أوراقا متناثرة من حولك، جعلته بعد قرائتها يتيقن من موهبتك ككاتب ..
غير أنه قد غفل عن أمر مهم ولا أحسبه النسيان، فقد يغيب عن تفكيره أنك لست حرا في اقتحام خصوصيات الاخر، ولا حرا في اختيار المادة والأسلوب، بل وقد تتخبط وسط أحداث متنوعة غير متسلسلة، ستجعلك في حيرة من أمرك، بل وستشكك لا محالة في موهبتك، هنا يستحل التردد ذاتك فينال من ثقتك بنفسك، فتطرح السؤال:  
ألن أبخس البطل حقه؟ ربما أنال منه بالوقت الذي سأظن أني قد وفيت؟! 
ربما أمنح القصة معنى غير الذي يأمله، وربما تتخذ منحى آخر غير الذي توقعه، وربما آذيته بشكل أو بآخر؟!! 
وهل هذا التردد فقط لعدم إلمامي بالموضوع بشكل مفصل، أم أنه خوف من تحمل المسئولية وحدي، نتيجة اختياري وقراري؟ ..
ربما أنا غير قادر على المجازفة.. 
دوامة من الشكوك ستجرفك بين طياتها، عندها سينهكك التردد.  ..

ربما.. شيء من التسويف والمماطلة
إنه التردد وعدم الإستقرار على رأي محدد، حالة من التذبذب وانشطار العقل بين مد وجزر، "ربما" كلمة تستنزف منا الكثير من الجهد والوقت، أحيانا تطرح سؤالا بسيطا والذي قد يحتمل خيارين فقط، (نعم أو لا )، مع ذلك من المحتمل أن يدخل الفرد في نوبة شلل من التفكير ناتجة عن فرط حاجتهم لتحليل كلا الخيارين، وكأنها حالات حرجة تستدعي التفكير العميق .

لن تكون أول ضحايا "ربما"، فكثيرون هم من يعانون التردد، كثيرون هم من يتخبطون في جحيم الندم جراء قرارات ربما لن تكون صائبة في نظرهم، يعانون من انهيار اليقين بذلك مرات متعددة في اليوم الواحد، لذلك كان موضوع "ربما" أو التردد حاضرا بشكل أساسي في النقاش الفلسفي، والسيكولوجي، موازاة مع ما يرافقه من نظريات حول معرفة الذات وقلقها الوجودي وميلها للتأجيل بدون مبرر .
وقد سمي في علم الفلسفة ب "اللايقين"، في نظرية الكم، بعد أن صاغه العالم الألماني فرنر هايزنبرج عام 1927. والذي يعني أن الإنسان سيبقى دوما غارقا في عذاب الإحتمالات والإختيار ، دائما متخوف من "ربما" التي تفتح أمامه خيارات واحتمالات لا يدرك نتائجها التي يحيطها اللايقين والمجهولية من جميع الاِتجاهات، لأنه بالنهاية لن يستطيع معرفة كل شيء بدقة. 

كل ما ذكر أعلاه ، قد يؤدي بطريقة أو بأخرى إلى تخريب قدرة الإنسان على الثقة بقدراته الخاصة، و إمكانيته على الإختيار، ربما يصبح التردد جزءاً من شخصية الفرد و أسلوبه . 
بناءً عليه أعتقد جازمة أننا بحاجة إلى تحرير أنفسنا من "ربما " والتجرؤ أكثر على ٱتخاذ القرارات دون تردد أو خوف .


author-img
مداد ميديا

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent