عولمة الماء
نعني بالمياه الافتراضية، التدفق الخفي من الماء في المواد الغذائية أو غيرها من السلع، وتسويقها من مكان إلى آخر أو من بلد إلى آخر.
ظهر هذا المفهوم، أي الماء الاِفتراضي أو المياه "المجسدة" مع توني آلان في عام 1993، والذي حاز على جائزة عن هذا الابتكار في ستوكهولم أواخر 2009،
فمثلا للحصول على طن من القمح نحتاج 1340 مترا مكعبا من الماء (استنادا إلى المتوسط العالمي)، أي ممكن أن يكون أكثر من ذلك، اعتمادها على الظرف المناخي وكذا على الممارسات و العادات الفلاحية.
إذا كانت الدول التي تعاني من شح في الموارد المائية، ومن خصاص في هذا المورد الحيوي فيجب عليها الا تشجع على تصدير المواد والمنتجات التي تتطلب في زراعتها كمية كبيرة من الماء، كالبطيخ، القمح، البرتقال،. الخيار.....
لذلك في السنوات الأخيرة التي عرف فيها العالم تقلبات مناخية هامة، اكتسب مفهوم التجارة الافتراضية للماء، أهمية في كل من النقاش العلمي و السياسي و البيئي، كاستراتيجية لتخطي معضلة ندرة الماء.
إذ يمكن أن ندبر مسألة التجارة الافتراضية للماء بشكل مستدام، سواء عن طريق تنفيذه على مستوى اجتماعي، أو اقتصادي أو بيئي.
حيث يمكن ان نضع قاعدة بيانات لانشائ حسابات ساتلية للماء، و إدخالها في النموذج الاقتصادي من أجل دراسة الآثار الاقتصادية والتغيرات في سياسات الماء وكذا الآثار المناخية الناجمة عن الموارد المائية للتنمية الاقتصادية وتحرير التجارة.
فمثلا ناخذ المغرب كنموذج؛ حسب خبير في السياسات وتدبير المياه، فإن إنتاج كيلو غرام من الخيار يحتاج إلى 353 لتر من الماء، ولإنتاج كيلو غرام من الفراولة نحتاج الى357 لتر من الماء في الوقت الذي زاد تصديره إلى 90٪ مابين 2008 و 2018، أي عندما يشتري مواطن كيلو غرام من الفراولة فإنه يحمل معه357 لترا من الماء؛ وبالنسبة لزراعة البطيخ، والذي ز اد تصديرها إلى 177٪، يحتاج الكيلوغرام منه الى235 لترا من الماء.
نعني بهذا أننا عندما نصدر هذه المنتجات، نصدر معها الماء الذي نحن في حاجة ماسة اليه.
في الستينات والسبعينات، كان الفرد الواحد المغربي يتمتع ب2560 مترا مكعبا من الماء، نحن الآن حسب ذات المصدر وصلنا الى600 مترا مكعبا الفرد الواحد، وفي 2030 سينزل الى 500 مترا مكعبا. هذا النزول ليس مرتبطا اساسا بالنمو الديموغرافي، ولكن بالسياسة في تدبير المياه، فالمنتوجات الزراعية التي تستهلك الكثير من الماء والتي تصدر إلى الخارج هي السبب الرئيس في شح الماء.
لذا كلفة الأمن الغدائي تتطلب منا إعادة النظر في السياسات العمومية في تدبير هذا المورد الحيوي، خصوصا فيما يخص التجارة لتصدير الافتراضي للماء بالمغرب.
هذه التجارة الافتراضية للماء فتحت مجالات جديدة للحكامة إما الجيدة أو غير الجيدة للتعامل مع المورد المائي، و أن البلدان يمكن أن توفر المياه المحلية عن طريق استيراد المواد الغذائية، لندخل في نظام أو مجال جديد آخر هو عولمة الماء.
في انتظار عولمة الهواء....