ذكرت لجنة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالتحقيق في الممارسات الإسرائيلية، التي تمس حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني، وغيره من السكان العرب في الأراضي المحتلة اليوم، أن الحالة الأليمة في قطاع غزة كارثة إنسانية من صنع الإنسان مستمرة، وتديمها سياسات وممارسات متعمدة، تهدف إلى السيطرة على السكان المحاصرين.
على المجتمع الدولي، أن يحول تركيزه من حالات الطوارئ الإنسانية، إلى معالجة الأسباب الجذرية للكارثة، بما في ذلك إنهاء عمليات الإغلاق وإغلاق الحدود.
قامت اللجنة الخاصة بزيارة إلى عمان، الأردن، في الفترة من 4 إلى 7 تموز/يوليو 2022. واجتمعت اللجنة الخاصة، خلال زيارتها التي استغرقت أربعة أيام، بكبار المسؤولين في الحكومة الفلسطينية، وممثلي منظمات الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني، من الأرض الفلسطينية المحتلة والجولان السوري المحتل.
وبالإضافة إلى ذلك، زارت اللجنة الخاصة مقر الأونروا، ومخيم ماركا للاجئين، وأجرت تبادلات مع اللاجئين الفلسطينيين، ولم تستجب إسرائيل لطلب اللجنة التشاور مع السلطات الفلسطينية أو دخول إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة والجولان السوري المحتل.
عدم المساءلة والإفلات من العقاب
في كانون الأول/ديسمبر 1968، أنشأت الجمعية العامة للأمم المتحدة اللجنة الخاصة المعنية بالتحقيق في الممارسات الإسرائيلية، التي تمس حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني وغيره من السكان العرب في الأراضي المحتلة، لدراسة حالة حقوق الإنسان في الجولان السوري المحتل والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة.
وتتألف اللجنة الخاصة الآن من ثلاث دول أعضاء هي: سريلانكا والسنغال وماليزيا.
وشارك الممثلون الدائمون للبلدان الثلاثة لدى الأمم المتحدة في استعراض هذا العام، ولاحظت اللجنة في تقريرها الصادر بعد الزيارة أن الاحتلال الذي طال أمده، ومناخ الإفلات من العقاب الراسخ يقوضان بشكل خطير احتمالات تمتع الفلسطينيين والإسرائيليين بحقوق الإنسان على قدم المساواة، والعيش في جوار البلد في ظروف سلمية وكريمة.
ويذكر التقرير أن عمليات القتل أو التعذيب أو إساءة المعاملة أو العنف، التي ترتكبها قوات الأمن الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، نادرا ما يتم التحقيق فيها أو تؤدي إلى محاكمة مرتكبيها، ولدى إسرائيل القدرة، ولكنها تفتقر إلى الإرادة السياسية والتنظيمية لمحاسبة أفراد قواتها الأمنية.
تشير الإحصاءات إلى أنه في النصف الأول من عام 2022، قتلت القوات الإسرائيلية 60 فلسطينيًا في عمليات إنفاذ القانون في الضفة الغربية، وتواصل إسرائيل احتجاز رفات 325 فلسطينيا ولا تسمح لأسرهم بدفنهم.
واستمر عنف المستوطنين في الازدياد بمعدل ينذر بالخطر، في الفترة ما بين 1 يونيو 2021 و 31 مايو 2022، تم الإبلاغ عن 575 حادثة عنف للمستوطنين، مما أدى إلى مقتل الفلسطينيين أو إصابتهم أو إلحاق أضرار بالممتلكات.
الاحتجاز الإداري والتعذيب
ويشير التقرير إلى أن أكثر من 800،000 فلسطيني تعرضوا للاحتجاز الإداري منذ عام 1967.
ويوجد حاليا نحو 640 فلسطينيا، من بينهم أربعة أطفال، رهن الاحتجاز الإداري إلى أجل غير مسمى دون توجيه تهمة إليهم أو محاكمتهم، ولا يزال تعذيب وإساءة معاملة المحتجزين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية منتشرين على نطاق واسع.
ويشدد التقرير على أن جواز إسرائيل لأساليب الاستجواب التي قد تشكل تعذيباً على أساس «الضرورة» يتعارض مع الحظر المطلق للتعذيب بموجب القانون الدولي.
توسيع منطقة الاستيطان
ويشير التقرير إلى أنه في الضفة الغربية والقدس الشرقية، استخدمت قوانين التخطيط والتقسيم التمييزي، والأوامر العسكرية لتبرير المصادرة العدوانية للأراضي، بهدف توسيع المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية ومناطق التدريب العسكري.
ويقع نحو 62 في المائة من أراضي الضفة الغربية في المنطقة جيم، وقد اعتبر نحو 30 في المائة منها «مناطق إطلاق نار» مغلقة، كما أن السكان الفلسطينيين في هذه المناطق المحددة هم أكثر عرضة للإخلاء القسري، وهدم المنازل.
ويشير التقرير إلى أن إسرائيل، أنشأت أو سمحت بإنشاء مستوطنات 279 أو مواقع أمامية أو مجتمعات فرعية في الضفة الغربية، مما أسهم في نمو سكان المستوطنات إلى بعض 700،000.
وكثيرا ما تتم مصادرة الأراضي الخاصة التي يملكها الفلسطينيون لبناء الهياكل الأساسية، مثل الطرق والطرق السريعة والجدران الفاصلة التي تربط المستوطنات، أو لإنشاء محميات طبيعية أو حدائق وطنية.
الحياة صعبة
ووفقا للتقرير، فإن السياسات والممارسات الإسرائيلية تنتهك أيضا حقوق الإنسان للفلسطينيين، في الصحة ومياه الشرب المأمونة، والمرافق الصحية والبيئة الصحية بطريقة تمييزية.
ولا يسيطر الفلسطينيون إلا على حوالي 20 في المائة من إمدادات المياه، أما الباقي فيلزم شراؤه من إسرائيل. ويشير التقرير إلى أن الحصار والإغلاق البحري والبري والجوي الذي استمر 15 عاما في قطاع غزة، حاصرا فعليا 2.1 مليون فلسطيني في «سجن في الهواء الطلق».
إلى جانب آثار صراع مايو 2021، واندلاع التاج الجديد، يستمر الحصار والإغلاق في خنق الاقتصاد المحلي، والحد من سبل عيش سكان غزة.
44.7 في المائة من سكان غزة في سن العمل عاطلون عن العمل، والحصول على تصاريح عمل خارج غزة محدود للغاية.
تقلص المساحة المدنية
ويشير التقرير إلى أن الحيز المدني في الأرض الفلسطينية المحتلة يتقلص نتيجة للسياسات الأمنية الإسرائيلية.
ففي 22 تشرين الأول/أكتوبر 2021، صنفت وزارة الدفاع الإسرائيلية ست من منظمات المجتمع المدني الفلسطينية الرئيسية، على أنها «منظمات إرهابية»، وهي ادعاءات لم تثبتها بعد المعلومات المتاحة للجنة الخاصة.
ويشدد التقرير على أن الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين الذي دام 55 عاما، كان يهدف إلى خدمة وحماية مصالح الدولة اليهودية وشعبها اليهودي مع غزو الفلسطينيين.
ويرى العديد من أصحاب المصلحة أن هذه الممارسة تعادل الفصل العنصري، ويجب أن ينظر المجتمع الدولي بجدية في هذا الشاغل، الذي يقع على عاتقه، بموجب القانون الدولي، التزام بمنع أخطر الجرائم ووضع حد لها.
وتختتم اللجنة الخاصة تقريرها بحث الدول الأعضاء على اتخاذ خطوات من حيث المبدأ لضمان إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإعمال حق الفلسطينيين في تقرير المصير.