بعد انتظار حوالي اتنى عشر سنة،و لاول مرة وفي تاريخ العرب ،دولة عربية تستضيف بطولة كأس العالم لكرة القدم.
البطولة انطلقت في قطر ،وكل الأنظار موجهة ليس للدوحة فقط بل للعالم العربي ككل.
تكلفة النسخة الحالية من البطولة اهتمت بها الكثير من وسائل الإعلام،باعتبارها البطولة الأكثر تكلفة في التاريخ ،أرقام خيالية تتراوح بين 220 مليار دولار و 300 مليار دولار يتم تداولها باعتبارها تكلفة استضافة قطر لبطولة كأس العالم لكرة القدم.
وإذا كانت هذه الأرقام صحيحة، فتعتبر هي الأولى من نوعها في تاريخ هذه البطولة، وتتجاوز تكلفة البطولة في نسخها الأخيرة.
اسئلة كثيرة مطروحة: من قبل هل هذه البطولة تستحق هذا الرقم ؟وماذا تستفيد قطر من تنظيم هذه البطولة الأكثر شعبية في العالم؟
في الثاني من دجنبر 2010،أنظار العالم كانت متجهة نحو مدينة زيوريخ السويسرية،في هذا اليوم ،الاتحاد الدولي لكرة القدم،FIFA أعلن على نتيجة عملية التنافس بين مجموعة مختلفة من دول العالم ،على حق استضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم،والتنافس كان على نسختي 2018 و2022.
في نسخة 2018 فازت بها روسيا لتكون أول دولة في أوروبا الشرقية تستضيف هذه البطولة.
أما نسخة 2022، فكانت المنافسة فيها بين ملفات قطر، امريكا، استراليا ،اليابان وكوريا الجنوبية.
وفي النهاية فازت بها قطر، بعد منافسة شرسة مع الولايات المتحدة الأمريكية، تحديدا لتكون بذلك أول دولة عربية ودولة إسلامية في التاريخ تنظم هذا الحدث الرياضي الكبير.
قطر نجحت انها تفوز بحق استضافة هذه البطولة لأنها قدمت ملفا قويا، وهذا هو الجزء السهل في الموضوع، ولكن الجزء الصعب هو تهيئ البنيات التحتية وإعداد قطر لنفسها لتبقى في مستوى هذا الحدث العالمي، لأنه لا مجال للفشل فسمعة البلد على المحك وسمعة المنطقة العربية كذلك.
إذن البنيات التحتية هي اكثر حاجة مؤثرة في تقوية الملف ،سواء الموجودة بالفعل أو المخطط إنجازها ،لاحتضان هذا الحدث، لأن الاتحاد الدولي لكرة القدم عنده معايير صارمة يفرضها على الدول المستضيفة، في ما يخص الملاعب ،الفنادق، وسائل النقل، شبكات الطرق،وغيرها.
اذا كانت تريد استضافة كأس العالم ،لابد أن تلتزم بهذه المعايير وفي الموعد المحدد .
قطر لما قدمت ملفها لأول مرة في مايو 2010 لم يكن عندها البنيات التحتية التي يمكنها من استضافة هذا الحدث،لكنها قدمت خططا طموحة جدا لمشاريع البنية التحتية التي تنوي تنفيذها خلال 12 سنة،لكي تخرج بأفضل نسخة لكأس العالم.
البنيات التحتية نوعان : بنيات مرتبطة بالحدث الرياضي نفسه كالملاعب ومرافق التدريب .
وبنيات ضرورية ايضا للحدث الرياضي لكنها غير مرتبطة بشكل مباشر بالحدث الرياضي لانها اساسية للبلد ايضا كالطرق والاتصالات والمطارات والفنادق….
بالنسبه للنوع الاول ،التزمت دولة قطر بتوفير 12 ملعبا للبطولة: ثلاثة منهم موجودة بالفعل ,وسوف تجدد وفق المعايير الدولية.
ثم رجعوا في 2016 ،واتفقوا مع الفيفا أنه بدل 12 ملعبا،يكتفون بثمانية ملاعب، سبعة ملاعب جدد وواحد سيجدد لتوفير التكاليف.
وبالفعل قطر أنجزت هذه الملاعب التي تدور المباريات على أرضها الآن وهي:
ملعب البيت.
ملعب أحمد بن علي.
ملعب خليفة الدولي.
ملعب المدينة التعليمية.
ملعب الثمامه.
ملعب لوسيل.
التي كلفت حوالي 6.5 مليار دولار.
التخطيط لتقديم ملف الترشح لاحتضان كأس العالم في دولة قطر بدأ منذ سنة 2008.
كيف ذلك؟
عند قراءة التقرير، الذي قيمت فيه الفيفا ملف استضافة قطر لكأس العالم في 2010، سنجد فيه خطة معينة في هذا التقرير ،وهي" رؤية قطر الوطنية 2030 ".
وهي خطة تنموية ضخمة أطلقتها دولة قطر من خلال الأمانة العامة للتخطيط التنموي سنة 2008 وهي خطة شاملة لجميع القطاعات الاقتصادية والبيئية والبشرية والاجتماعية .
اذا ماهي على العلاقة بين هذه الخطة و استضافة كأس العالم؟
باختصار، دولة قطر في إطار محاولاتها لإقناع الفيفا لاستضافة كأس العالم لكرة القدم ،ربطت بينهما من أجل تغيير وجه قطر ،والتركيز على البنيات التحتية التي تشدد عليها الفيفا في ملفات التشريح.
أهم هذه المشاريع هي:
بناء مدينة لوسيل شمال الدوحة فيها ملعب لوسيل يتسع 80000 متفرج والذي سيحتضن نهائي كأس العالم هذا المشروع كلف لوحده 45 مليار دولار
حسب أرقام Bloomberg.
ثم مشروع مترو الدوحة وهو عبارة عن شبكة من القطارات الكهربائية معظمها تحت الأرض ويربط بين العاصمة الدوحة والضواحي وقيمته 36 مليار دولار.
ايضا من المشاريع المهمة في البنيات التحتية ،توسعة و وتطوير مطار حمد الدولي لكي يستوعب 58 مليون مسافر من الوفود الجديدة، وصلت تكلفته حوالي 15،5مليار دولار .
ثم ميناء حمد الدولي،الذي تم افتتاحه سنة 2017 والذي كلف 7،5مليار دولار.
ومشاريع أخرى كشبكات الطرق والاتصالات والتطهير والفنادق.
هذه المشاريع كلها ، احالتنا الى الرقم الذي تردد كثيرا حول تكلفة استضافة قطر لكأس العالم لكرة القدم ،وهو 220 مليار دولار ، الرقم الذي خصص للبنيات التحتية عموما، و لاحتضان حدث كاس العالم خصوصا .
و رغم ذلك في الاعلام وخصوصا الغربي منه يربط هذا الرقم التكلفة المباشرة لاحتضان هذا الحدث الكبير وجعله في مقارنه مع تكاليف النسخ السابقه . لكن يبدو ان هذه التكاليف بالنسبة لدولة قطر،مكسب واستثمار.