recent
أخبار ساخنة

أمهات اللاعبين لذواتهن.

الصفحة الرئيسية
العبدي عبد العزيز


كفعل بشري واجتماعي، كان الاستقبال الشعبي والملكي لأفراد المنتخب الوطني والطاقم المرافق له حدثا متميزا وايجابيا في العموم…

لا يمكن اغفال القليل من النواقص: أولا غياب اللغة الأمازيغية على واجهة الطائرة التي اقلت الأسود من الدوحة نحو مطار الرباط سلا، رغم توشحها بزخارف بالعربية والفرنسية لها علاقة بالحدث، وغياب ذات الموضوع من على واجهة الحافلة التي أقلت الفريق من مطار الرباط سلا نحو القصر الملكي مرورا بشوارع سلا والرباط. ثانيا تغطية تلفزية رسمية سيئة اتسمت بسوء الصورة ورداءتها، وبتعليق يمتح من قاموس العهد القديم بما له من تمثلات رجعية غارقة في الاطناب والمدح المتكلف. ثالثا غياب الأباء والزوجات عن هذا العرس الجميل، ربما بقصدية إعطاء وزن ومعنى كبير للأم وهذا في حد ذاته جميل، لولا أن هذه الرمزية قد تنتج خطابا خطيرا يمس بنية التعليم برمتها. حين تصبح والدة لاعب الكرة أهم من والدة مهندس ووالدة عالم في تخصصه ووالدة مبتكر أو شاعر كبير.

لذا يستحسن حصر تكريم هؤلاء النساء لذواتهن، كل واحدة عبر تاريخها ومعاناتها، في الايمان بحلم ابنها وكفاحها إلى جانبه.

بالفطرة السليمة، لا أعتقد أن أي واحدة من هؤلاء الأمهات اختارت بوعيها أو طواعية مسار ابنها الكروي، بل أكاد أجزم أنهن اعترضن في البداية على هذا المسار، وأصابتهن حسرة كبيرة لأن فلذة كبدها منشغل بالكرة وبصدد تبديد مستقبله الذي لن يبنى خارج مسار تعليمي كلاسيكي وجيد، يتوج بشهادة جامعية وبمنصب عمل يليق بهذه الشهادة…

موهبة اللاعبين واصرارهم بالإضافة إلى تقاطع ذلك مع ضربة حظ ما: مصادفة اطار بفريق ما (حالة أشرف حكيمي وحكيم زياش)، مصادفة اختيار لمدرسة أو اكاديمية (حالة اوناحي والنصيري ) وغيرها من ضربات ومصادفات الحظ التي لن تتاح لجميع الأطفال واليافعين الذين يعشقون الكرة وربما يتألقون فيها في الظل وتحت قمع الوالدين ومنهم الأمهات.

كل هذا هو ما كون الفريق الوطني الرائع الذي قدم هذه الإنجازات، وإن كان دور الأم قد برز في هذا المونديال عبر التشجيع والدعم النفسي ولما لا التربوي، فإنه بالتأكيد كان عاملا مفرملا ومشككا ليس في مهارة اللاعب الذي كان طفلا، بل التشكيك بأن كرة القدم ليست هي الحرفة التي قد تحقق للابن الاستقرار المادي والمجتمعي.

من هذه الزاوية يمكن اعتبار صورة هؤلاء الأمهات رفقة أبناءهن والملك جميلة، تعطي صورة أنيقة عن ملكية تتفاعل بفرح مع ما يمكن أن يشكل لحظة فرح جماعية، لكن يجب تجريدها من رمزيتها الاجتماعية العامة، وحصرها في الاحتفاء بهؤلاء النساء بخاصتهن ، واحدة واحدة..

فوالدة حكيم زياش، يحتفى بها لوحدها صامدة وسط ظروف معيشية صعبة، بعد أن فقدت رفيق الطريق، واضطرت للعمل الشاق من أجل اعالة حكيم وسبعة من إفراد أسرته، وكذلك بالنسبة لأشرف حكيمي وبعده يوسف بوفال وغيرهن من النساء اللواتي حضرن حفل الاستقبال الجميل..

حالة اللاعب أملاح الذي حضر لوحده دون والدته التي توفيت وهو صغير، دليل أن هؤلاء النساء تم الاحتفاء بهن، لخاصيتهن ، وإلا لتم مرافقة أملاح بأي امرأة، كما أنه تألق دون دعم والدته التي توفيت مبكرا…

لا أدري إن توفقت في بسط فكرة هذه العجالة، ودائما مع التنويه بحضور هؤلاء الأمهات، والتنويه باحتضان القصر لهن وتصدير صور جميلة وإنسانية سيكون من الأفيد أن تضبط الرسالة منها نحو الأبناء اتجاه أمهاتهن وليس العكس الأمهات اتجاه الأبناء…

دون التأكيد على أن الملك والمؤسسات الملكية لهما سوابق كثيرة في تصدير هذه الرسائل الإيجابية اتجاه المرأة بالخصوص ….

author-img
عبد العزيز العبدي

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent