recent
أخبار ساخنة

انتهاء أزمة طلبة، الطب في المغرب: توقيع اتفاق جديد. لحل الملف المطلبي

الصفحة الرئيسية

 

مسؤولون حكوميون وممثلون عن اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة يحتفلون بتوقيع محضر تسوية يُنهي أطول إضراب طلابي في تاريخ كليات الطب بالمغرب. الاتفاق يشمل استجابة لمطالب الطلبة بعد نزاع استمر لأشهر، ويعيد الطلبة إلى مقاعد الدراسة مع تحسينات في التكوين الطبي وشروط التدريب


بعد نزاع طويل امتد لأكثر من أحد عشر شهراً، نجح طلبة الطب والصيدلة بالمغرب في الوصول إلى تسوية مع وزارتي التعليم العالي والصحة، بوساطة مؤسسة وسيط المملكة. هذه الخطوة أنهت إضرابًا كان قد شل كليات الطب بالمغرب، في حركة طلابية غير مسبوقة من حيث المدة والتأثير. في هذا المقال، نستعرض خلفيات الأزمة، مطالب الطلبة، وأهم بنود الاتفاق الذي تم توقيعه، بالإضافة إلى تداعيات هذا الحل على المجتمع الطبي والطلابي في المغرب.


خلفيات الأزمة

بدأت الأزمة في ديسمبر 2023، حينما أعلن طلبة الطب والصيدلة إضراباً مفتوحاً احتجاجًا على قرارات جديدة صادرة عن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي. تركزت مطالب الطلبة على عدة نقاط، من أهمها: تحسين شروط التكوين الطبي، وزيادة التعويضات، وإعادة النظر في القرارات التي تؤثر على التداريب والتكوين الإكلينيكي. كان من بين هذه المطالب رفض قرار إلزام طلبة الطب بإضافة سنة سابعة في الدراسة، وهو القرار الذي كان قد صدر رسميًا في مارس 2023.

مع مرور الوقت، تضاعفت الاحتجاجات وشملت عدة وقفات، محلياً ووطنياً، ووصلت إلى مجلس البرلمان. كما أن الأزمة أدت إلى وقف الدراسة والتداريب في كليات الطب، ما دفع المسؤولين لمحاولة إيجاد حلول توافقية لضمان استمرار الدراسة وعدم إهدار السنة الدراسية.


الحل: توقيع محضر التسوية

في يوم الجمعة، 8 نوفمبر 2024، أعلنت اللجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة عن توقيع محضر تسوية مع وزارتي التعليم العالي والصحة. جاء هذا الاتفاق بعد "يوم ديمقراطي" شارك فيه الطلبة بفاعلية، حيث صوّتوا على مقترح التسوية وعلى تعليق الإضراب المفتوح. وذكرت اللجنة الوطنية أن الاتفاق يمثل استجابة لغالبية مطالبهم، مما وضع حداً لأطول حراك طلابي في تاريخ كليات الطب في المغرب.


بنود الاتفاق

1. استثناء بعض الأفواج من قرار السنة السابعة

تم التوصل إلى اتفاق يقضي بعدم تطبيق قرار السنة السابعة على الأفواج الأربعة التي التحقت قبل تاريخ 13 مارس 2023، وهو القرار الذي أثار جدلاً واسعاً بين الطلاب والمسؤولين. ويشمل الاتفاق كذلك الاستثناء الخاص بفوج 2023-2024، حيث سيتم إلزامهم بالقرار الساري المفعول في تاريخ التحاقهم بالكليات.

2. التداريب السريرية الاختيارية

بموجب الاتفاق الجديد، سيتمكن طلبة الطب من الاستفادة من تدريبات سريرية اختيارية قد تصل إلى سنة كاملة، على أن يتم منحهم شهادات عن هذه الفترات التدريبية. هذه الخطوة تهدف إلى منح الطلبة مرونة أكبر في تكوينهم الأكاديمي.

3. إعادة تنظيم تدريبات السنة السادسة

تضمن الاتفاق إعادة تنظيم التدريبات المخصصة للسنة السادسة في إطار زمني يمتد إلى 44 أسبوعًا، إضافة إلى تعزيز التكوين في مجال طب الأسرة. كما سيُرفع عدد ساعات التدريب إلى 5986 ساعة، مما يدعم الطلبة بتدريب مكثف يؤهلهم لدخول سوق العمل بكفاءة.

4. إلغاء العقوبات بحق ممثلي الطلبة

بعد موجة من العقوبات التأديبية التي طالت بعض ممثلي الطلبة نتيجة نشاطهم في الحراك، تضمن الاتفاق إلغاء جميع هذه العقوبات. هذا البند كان من المطالب الأساسية التي أصر عليها الطلبة، ويعتبر خطوة إيجابية لإعادة بناء الثقة بين الطلاب والإدارة.

5. رفع التعويضات

أحد الجوانب المهمة في الاتفاق هو تحسين التعويضات المالية للطلبة، حيث تم تحديد زيادة تصل إلى 1200 درهم لطلبة السنوات الثالثة والرابعة والخامسة، و2400 درهم لطلبة السنة السادسة والسابعة وسنة التدريب التكميلية. هذه الزيادات ستجعل من التدريب في المجال الطبي أكثر استدامة للطلاب.


ردود فعل إيجابية

أبدى الطلبة، بعد توقيع محضر التسوية، سعادتهم بهذا الاتفاق، مؤكدين أنهم سيعودون إلى مقاعد الدراسة بعد هذا الإنجاز "معززين مكرمين". كما شددوا على التزامهم بالمساهمة في تحسين القطاع الصحي الوطني وتقديم خدمات صحية تلبي احتياجات الشعب المغربي. عبر الطلبة عن امتنانهم لأسرهم وللأساتذة والهيئات الحقوقية التي دعمتهم طيلة هذه الأزمة، معتبرين أن هذا الدعم كان سبباً رئيسياً في صمودهم.

ومن جهة أخرى، أبدت الحكومة من خلال وزارة التعليم العالي التزامها بتطبيق بنود الاتفاق وتطوير منظومة التعليم الطبي بشكل يتوافق مع متطلبات العصر، معتبرة أن هذا الاتفاق يمثل نموذجاً للحوار البناء بين الأطراف المختلفة.


تحديات مستقبلية

على الرغم من هذا الاتفاق الذي يُعد إنجازًا للطلبة، إلا أن التحديات في كليات الطب بالمغرب ما زالت قائمة. فإضافة إلى الحاجة لمواكبة التطورات في المجال الطبي، تبرز تحديات أخرى تتعلق بتحديث المناهج الدراسية وتوفير البنية التحتية الملائمة لاحتياجات الطلبة. كما يشكل استيعاب الطلبة العائدين إلى المقاعد الدراسية تحدياً آخر على مستوى إعادة برمجة المناهج وتوفير فرص التدريب اللازمة لهم.


أهمية هذا الاتفاق لقطاع الصحة

لا تقتصر آثار هذا الاتفاق على الطلبة فقط، بل تمتد لتشمل النظام الصحي الوطني، حيث يسهم رفع مستوى التدريب وتحسين جودة التكوين الطبي في توفير كفاءات طبية قادرة على تلبية الاحتياجات الصحية للمجتمع. كما أن تحسين أوضاع طلبة الطب يعزز جاذبية المهنة الطبية في المغرب، مما قد يسهم على المدى البعيد في تقليل هجرة الأطباء وضمان وجود موارد بشرية كافية في القطاع الصحي.


خاتمة

يمثل توقيع محضر تسوية ملف طلبة الطب والصيدلة خطوة هامة نحو تحسين التكوين الطبي في المغرب، كما يعدّ نجاحًا لحراك طلابي طويل ناضل من أجل تحقيق مطالب عادلة. بفضل هذا الاتفاق، يتمكن الطلبة من العودة إلى كلياتهم بروح إيجابية، مستعدين لاستئناف دراستهم والمساهمة في تطوير قطاع الصحة.

يجسد هذا الاتفاق نموذجًا للتعاون والحوار بين مختلف الأطراف، مما يمهد الطريق لحلول مستدامة للتحديات المستقبلية

author-img
ليلى بوزير

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent